Menu

أوامر المنسق واتجاه الرصاص 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

منذ أسابيع قرر الاحتلال تصعيد ضغطه على السلطة الفلسطينية، للقيام بما عجزت منظومته الأمنية عن القيام به، وما تعجز عنه السلطة الفلسطينية أيضًا؛ تصفية بؤر المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، حيث يدرك العدو استحالة ذلك بالطبع ولا يظن أن لدى السلطة قدرة اعجازية في الجانب الأمني، ففي نهاية المطاف الاعتقالات والسجون والرصاص الذي يستخدمه لم يوقف المقاومة، ولم يمنع ذلك التفشي المستمر لرائحة البارود في الضفة المحتلة، لكن ضغوط العدو تريد الوصول لنتيجة محددة وهي فرز واضح لجزء من الفلسطينيين يضعهم في مواجهة بقية الشعب الفلسطيني، فكما تفرز المنظومة الصهيونية الفدائي وتسعى لحصاره وقتله، تحاصر أيضًا شركاءها في منظومة التنسيق الأمني وتورطهم للأبد وتقطع عنهم كل خط للعودة، وتضعهم أمام خيار وحيد، خدمة أمنية مقابل مصالح مادية مباشرة، بلا سياسة أو حقوق أو خطاب وطني. 

إن لحظة الحقيقة أن كل ما تبقى من مشروع السلطة هو خط الاتصال بالمنسق والحكم العسكري الصهيوني المحتل، ولا غطاءً مسموحًا به صهيونيًا، لذلك عندما يدوي الرصاص وينزف جنود الاحتلال؛ يضغط ضباط الكيان الصهيوني وينكمش موظف التنسيق الأمني الفلسطيني في مقعده ويتمسك به جيدًا؛ يرسل الدوريات لمخيمات وأحياء وقرى الضفة مع أوامر بالاشتباك والاعتقال.. لا مقولات سياسية لتبرير ذلك، هذه التعرية السياسية الصارخة تُخرج الرصاص والغضب من بنادق ضباط وعناصر في الأجهزة الأمنية؛ دفاعًا عن شعبهم ولصدر القاتل الصهيوني، وتستخرج غضب المحتل ومعه سيل جديد من أوامر الاعتقال التي تنفذها أجهزة أمن السلطة. هل هذا ما أرادته قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير؟ 

هذا لم يعد مهمًا، فمنذ سنوات ليست بالقليلة بات بإمكان منظومة الأمن والتنسيق الأمني أن تعمل وفقًا لبرنامجها الخاص، بمعزل عن إرادة الشارع الفلسطيني، وحتى عن إرادة قيادتها السياسية، هنا لا نقول أن هناك صدامًا أو تعارضًا بالضرورة، ولكن لو حدث هذا التعارض؛ فالمسار ثابت، باتت لدى منظومة التنسيق الأمني ديناميتها الخاصة، هذا هو العمل والوظيفة والدور، بل إن هذه هي الهوية تلك الهوية التي يرفضها من قرر رفع سلاحه في وجه الاحتلال؛ بضعة من الأفراد، يديرون هذا المسار، تصدر الأوامر تغلف باسم فلسطين ومشروعها الوطني والمصالح العليا، الغلاف مهترئ، ولكن لا يهم، تتقلص مساحة تنفيذ الأوامر، القدرة والرغبة، ولكن أيضًا لا يهم سيبذل المنسق جهده حتى آخر نفس، سيتشبث بدوره، بمصالحه، بالبقاء، بالتسهيلات، بخط الاتصال مع منظومة الاحتلال. لكن الدم أيضًا لا يتغير، وإن كان يغير، وفي شوارع فلسطين سالت الدماء برصاص وحراب الاحتلال، وبات يذكي لهيب المقاومة والغضب، وبينما يدرك المحتل جيدًا رغبته في تجنب الانفجار؛ يضع السلطة في مقدمة المدفع، يحيلها لكيس لتلقي اللكمات، وتشتيت وجهة الغضب ووضوح المقاومة.

بكل وضوح، يقترح العدو حربًا أهلية فلسطينية، ويجد من يقبل وينفذ ويضع نفسه في متراسها، وبذات الوضوح أيضًا إن رفض التنسيق الأمني، والاعتقال، والتمرد الشعبي على هذا الهوان والاذلال، والتمسك بخيار القتال، بالحق في مقارعة المحتل، في الدفاع عن النفس والوطن، ليس "فتنة" أو انخراط في مشروع نقل الاشتباك للحيز الفلسطيني، ولكن واجب وحق، وضرورة وطنية.

ما سيحفظ للفلسطينيين تماسكهم الشعبي والمجتمعي ومقاومتهم وسلامة بوصلتهم، ويحميهم من هذا المسعى الاحتلال المستمر، هو توسيع قاعدة الرفض الوطني للاعتقال وللتنسيق الأمني، والإصرار على استعادة القرار الوطني والمؤسسات الوطنية.

إن الجواب الذي أعلنه تكرارًا عناصر وضباط في الأجهزة الأمنية على أوامر التنسيق الأمني التي تضعهم في وجه شعبهم، هو رصاص في صدور المحتلين، هذا الجواب هو خلاصهم، وتوجه أيضًا نحو خلاصنا جميعًا؛ ذات البنادق وربما من ذات المخزن التي تطلق النار على شعبنا في نابلس اختارت أوامر المنسق والاحتلال، في مقابل رصاص اختار صدر المحتل؛ الخيار كما هو سياسي ووطني فهو أيضًا فردي وشخصي، فلسطين قضية شخصية لكل منا، موقفنا من شعبنا وأهلنا ودورنا تجاههم هو أيضًا قضية شخصية، وخيار حان وقت اتخاذه.